تقلبت أسعار النفط الخام بين الارتفاع والانخفاض أمس، وسط مخاوف تعطل الإمدادات في الشرق الأوسط، يقابله جني التجار الأرباح بعد ارتفاع العقود القياسية للنفط الأسبوع الماضي.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إن قطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة بدأ العام الجديد على تراجع مع اتساع معنويات السوق الهبوطية كما كانت قبل عام”، مشيرين إلى تأكيد بنك ستاندرد تشارترد أن التشاؤم بشأن الطلب هو السائد مرة أخرى مع قلق التجار من أن الطلب على النفط سيضعف في الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار المحللون إلى محدودية المكاسب السعرية الراهنة على المدى القريب مع زيادة خطر اقتراب الركود المعتدل، موضحين أنه على الرغم من الاتجاه الهبوطي المتوقع في الشهور المقبلة لا يزال المستثمرون يراهنون بشدة على مشاريع النفط والغاز البحرية، حيث سجلت أسواق النفط والغاز البحرية العالمية نموا مذهلا في عام 2023.
وأفاد المحللون بأن وضع الاستثمارات النفطية الجديدة جيد على الرغم من تحديات الاقتصاد العالمي، ومثال على ذلك كان إنتاج النفط والغاز في النرويج أقل قليلا من المتوقع في عام 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عمليات إغلاق الصيانة غير المخطط لها والممتدة في حقول متعددة، مرجحين ارتفاع الاستثمارات في عامي 2023 و2024 أكثر من المتوقع في مثل هذا الوقت من العام الماضي بسبب النشاط المرتفع وضعف العملة النرويجية وتزايد التكاليف.
وفي هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن تقلبات أسعار النفط الخام كانت سائدة في بداية الأسبوع، مع موازنة خطر أن تؤدي الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الحوثيين المتمردين إلى إشعال صراع أوسع وتعطيل تدفقات النفط الخام من الشرق الأوسط، بينما في المقابل يقوم المتداولون بتقييم توقعات السياسة النقدية”.
وأشار إلى تأثير تراجع الأسهم وارتفاع الدولار الذي يجعل السلع المسعرة بالعملة أقل جاذبية، كما تراقب الأسواق أي أدلة حول أسعار الفائدة.
من جانبه، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الضبابية تسيطر على سوق النفط في ضوء تنامي عناصر التوتر واتساع المخاطر الجيوسياسية، خاصة بعدما أعلن أصحاب ناقلات النفط أنهم يتخلون عن رحلات جنوب البحر الأحمر، كما أن ارتفاع أسعار الشحن يتردد صداه في سوق النفط العالمية.
وأوضح أنه كان لدى مديري الصناديق إقبال أقل على أسهم الطاقة قبل بداية عام 2024، ووفقا لأحدث استطلاع لمديري الصناديق العالمية من بنك أوف أمريكا، إن إقبال المستثمرين على أسهم الطاقة تراجع بنسبة 11 في المائة في ديسمبر الماضي وهو أكبر انخفاض شهري منذ يناير 2016.
بدورها، ذكرت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية، أنه على الرغم من الحد الأقصى للأسعار الذي فرضته مجموعة السبع والعقوبات الشاملة بسبب الحرب في أوكرانيا تمكنت روسيا من الحفاظ على إيراداتها من الطاقة بفضل أسطول مظلم أو ظلي من ناقلات النفط.
وأوضحت أن الأسهم الأمريكية كانت متباينة في ختام الأسبوع الماضي مع بدء موسم الأرباح، لكن المؤشرات حققت مكاسب أسبوعية، مبينة أن بيانات التضخم كانت ضعيفة، ما عزز الآمال في تخفيض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، ويضاف إلى ذلك ارتفاع عملة البيتكوين بنسبة 5 في المائة تقريبا بينما أدت التوترات في البحر الأحمر إلى ارتفاع أسعار النفط.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط بأكثر من 1 في المائة أمس مع جني المستثمرين الأرباح بعدما ارتفعت العقود القياسية للنفط الأسبوع الماضي.
وبحسب “رويترز”، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.14 دولار بما يعادل نحو 1.5 في المائة إلى 77.15 دولار للبرميل، وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.15 دولار أو 1.6 في المائة إلى 71.53 دولار.
وابتعد عديد من ملاك الناقلات عن البحر الأحمر، وغيرت عدة ناقلات مسارها يوم الجمعة.
وقال تاماس فارجا من “بي.في.إم” للوساطة النفطية “إن إدراك أن إمدادات النفط لم تتأثر سلبا دفع المتعاملين الذين استفادوا من ارتفاع الأسعار الأسبوع الماضي إلى جني الأرباح، مع تفاقم الحركة الهبوطية إلى حد ما بسبب ارتفاع الدولار قليلا”.
وفي ليبيا، هدد المحتجون على الفساد بإغلاق منشأتين أخريين للنفط والغاز بعد إغلاق حقل الشرارة الذي ينتج 300 ألف برميل يوميا في السابع من يناير.
وقفز الخامان القياسيان أكثر من 2 في المائة الأسبوع الماضي ليلامسا أعلى مستوياتهما هذا العام خلال الجلسة.
وقال وارن باترسون رئيس وحدة أبحاث السلع الأولية في “آي.إن.جي”، “هناك مخاطر تتعلق بالإمدادات في السوق، نظرا للتصعيد في البحر الأحمر.. لكن في الوقت الحالي لا نرى أي تأثير في إمدادات النفط، وأعتقد أن حدوث ذلك مرهون بحدوث تصعيد على نحو كبير”.
وفي الولايات المتحدة استعدت شركات الطاقة والغاز الطبيعي لموجة البرد الشديدة التي من المتوقع أن تتسبب في طلب قياسي على الغاز مع خفض الإمدادات بسبب حالة التجمد التي أصبحت عليها الآبار.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 80.18 دولار للبرميل يوم الجمعة بدلا من 78.88 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع على التوالي، وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 78.91 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version