تواصل أسعار النفط تقلباتها، مع تسبب معنويات العزوف عن المخاطرة في الضغط على الأسعار، مقابل دعم صعودي مستمد من مخاطر الإنتاج في داكوتا الشمالية وتوترات البحر الأحمر.
وأدى ارتفاع الدولار إلى الحد من الطلب على الخام المقوم بالعملة الأمريكية، لكن تزايد مخاطر تعطل الإمدادات وسط الصراع المحتدم في الشرق الأوسط حد من الخسائر.
ويستمر إنتاج النفط الأمريكي في تجاوز تخفيضات الإنتاج العالمية من تحالف “أوبك +”، كما من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام في أمريكا الشمالية بشكل أكبر مع زيادة منتجي النفط الكنديين الإنتاج بفعل اقتراب خط أنابيب ترانس ماونتن من الاكتمال.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون، “إن آفاق الطلب جيدة، خاصة بعدما بلغت واردات الصين من النفط 11.28 مليون برميل يوميا في العام الماضي بزيادة 11 في المائة عن مستواها السابق في العام قبل الماضي، مدفوعا بالطلب القوي على الوقود في الداخل والخارج”.
ونوه المختصون بأن أنشطة تخزين النفط الكبيرة وصادرات الوقود في الصين خاصة إلى أوروبا بعد الحظر الروسي، تسلطان الضوء على ديناميكيات الطلب المحلية والدولية.
وأشاروا إلى ارتفاع الأسعار نسبيا مع انخفاض الإنتاج في ثاني أكبر حوض للصخر الزيتي في الولايات المتحدة بما يصل إلى 650 ألف برميل يوميا وتكثيف الحوثيين هجماتهم، ومع ذلك لا تزال الأسعار في نطاق تداول محدود، واستقرت العقود الآجلة لخام برنت على ارتفاع طفيف.
ولفتوا إلى أن إمدادات النفط الخام الفعلية لم تتأثر خاصة بعد اعلان شركة شيفرون أن الشركة لم تقم بإجراء تغييرات “جوهرية” على طرق الشحن، مشيرين إلى أن اندلاع التوترات في أكتوبر الماضي أضاف علاوة مخاطر الحرب إلى النفط الخام، لكن ذلك تضاءل بعد بضعة أسابيع.
وفي هذا الإطار، ذكر لـ”الاقتصادية” مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة أن الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة في اليمن، ردا على الضربات المستمرة على السفن، أدى إلى تفاقم التوترات في السوق النفطية، مشيرا إلى تأكيد “سيتي جروب” أن الضربات الأمريكية البريطانية على الأرجح لن تؤدي إلى اتجاه صعودي كبير.
وأشار إلى أن مراقبة بيانات الصين للتعرف على الاتجاه الذي تتجه إليه أسعار النفط أصبحت بالفعل ممارسة معتادة بين المحللين حيث تقود الصين بالفعل الطلب العالمي على النفط وهي أكبر مستورد وثاني أكبر مستهلك للسلع الأكثر تداولا في العالم.
من جانبه، أوضح لـ”الاقتصادية” سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، أن زيادات غير متوقعة في إنتاج روسيا أربكت حسابات السوق وضغطت هبوطيا على الأسعار، مشيرا إلى حدوث تقلص نسبي في امتثال روسيا لتخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها في اجتماع “أوبك +” الأخير العام الماضي، مع وصول النفط الخام الروسي المنقول بحرا إلى ما يقرب من 3.43 مليون برميل يوميا.
وأبرز أهمية عودة مؤشر الدولار إلى مستوى قوي، مع فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في ولاية أيوا، ما أدى إلى ارتفاع كبير في قيمة الدولار، كما تنامت قوة الدولار أكثر مع تراجع بنك الاحتياطي الفيدرالي عن تعليقاته الحذرة السابقة، وفي ظل اتجاه لبقاء أسعار الفائدة ثابتة لفترة أطول.
من ناحيته، أوضح لـ”الاقتصادية” جوران جيراس مساعد مدير بنك زد إيه إف في كرواتيا، أن محركات السوق النفطية كثيرة في المرحلة الراهنة خاصة مع تواصل أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي شهد صدور عدد لا بأس به من التعليقات الإيجابية من محافظي البنوك المركزية.
ونوه بأن أسعار النفط المحلية في الولايات المتحدة تشهد متغيرات أوسع نطاقا، حيث يواجه إنتاج النفط الصخري الزيتي في باكن انقطاعا، وتحول المصافي إلى كوشينج من أجل استبدال الإمدادات المفقودة من باكين عبر خط أنابيب داكوتا.
بدورها، تقول لـ”الاقتصادية” ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، “إن زيادات الإنتاج الروسي ضغطت هبوطيا على الأسعار وتضر بالفعل بالتوازن بين العرض والطلب”، مشيرة إلى أن اتجاه انخفاض الأسعار جاء مع حصول المصافي والمشترين على ترف اختيار أرخص منتج للشراء منه في سوق مكتظة بالبائعين.
وأضافت أن “إنتاج النفط الخام الأمريكي شهد أيضا ارتفاعات قوية، وإن كان مع بعض الانخفاضات في بعض المناطق، لكن نموا إجماليا قويا رصدته السوق بالفعل، كما من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام الكندي مع اقتراب مشروع ترانس ماونتن من الاكتمال”.
وأشارت إلى أن إنتاج النفط في ألبرتا وصل إلى مستوى قياسي في نوفمبر بلغ 4.2 مليون برميل يوميا بزيادة قدرها 8.8 في المائة عن الشهر السابق، وبالمقارنة أنتجت ألبرتا ما متوسطه 3.8 مليون برميل يوميا خلال الـ11 شهرا الأولى من 2023.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط، بعد أن أدى ارتفاع الدولار إلى الحد من الطلب على الخام المقوم بالعملة الأمريكية، لكن تزايد مخاطر تعطل الإمدادات وسط الصراع المحتدم في البحر الأحمر حد من الخسائر.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 36 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 77.93 دولار للبرميل. وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 43 سنتا بما يعادل 0.59 في المائة إلى 71.97 دولار للبرميل.
وارتفع خام برنت بشكل طفيف، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط، لكن الصراع المستمر في البحر الأحمر زاد المخاوف من اضطرار الناقلات إلى تغيير مسارها لتجنب المنطقة، ما أدى إلى زيادة التكاليف ومقدار الوقت اللازم للتسليم. وحامت عقود مؤشر الدولار الأمريكي بالقرب من أعلى مستوى خلال شهر يوم الأربعاء، بعد تعليقات مسؤولي الفيدرالي الأمريكي التي تعارض التوقعات بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير.
ويؤدي ارتفاع الدولار إلى تقليص الطلب على النفط المقوم بالدولار بالنسبة إلى المشترين الذين يدفعون بعملات أخرى.
وعلقت شركة النفط البريطانية الكبرى “شل” الشحنات عبر البحر الأحمر بعد بدء الضربات الأمريكية والبريطانية، لكن شركة شيفرون الأمريكية المنتجة أبقت على مساراتها في البحر الأحمر.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 79.16 دولار للبرميل يوم الثلاثاء بدلا من 79.17 دولار للبرميل فى اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض عقب ارتفاعات سابقة، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 78.21 دولار للبرميل”.

شاركها.
Exit mobile version