سلاح القوت أصبح هو أمضى من وجع الفقد. فأي شعور بالعجز هذا الذي ينتاب ربّ أسرة وهو يرى أطفاله يتضورون جوعا وهو لا يملك من أمرهم شيئا؟

اعلان

مخالب الجوع تنهش أجساد الصغار والكبار في قطاع غزة الرازحة سماؤُه وأرضه تحت القصف الأسرائيلي المتواصل على مدار الساعة منذ قرابة سبعة أشهر. 

إذا كانت مشاهد الدمار والدماء والأشلاء المتناثرة فوق الركام أو تحته قد أصبحت أمرا مألوفا لدى من قُدّرت له النجاة من الآلة العسكرية للدولة العبرية، فإن سلاح القوت أصبح أمضى من وجع الفقد. 

فأي شعور بالعجز هذا الذي ينتاب ربّ أسرة وهو يرى أطفاله يتضوّرون جوعا وهو لا يملك من أمرهم شيئا؟ 

فمن لم يمت بالقصف قد ينتهي به المطاف إلى الموت جوعا بسبب شحّ الطعام أو قُلْ غيابه في كثير من الأحيان. نوعٌ من الموت البطيئ الذي لا يمكن لأيّ كان أن يتحمله مهما بلغ صبره وقويت عزيمته.

بسبب قلة الغذاء، أصبح الشبع ترفا والبقاء على قيد الحياة غاية بحد ذاتها لدى بعض العائلات التي باتت تقتات بالحد الأدنى من الوجبات. منذ أن بدأت الحرب قبل قرابة سبعة أشهر، انخفض بشكل كبير عددُ الشاحنات التي تدخل المناطق الساحلية في القطاع المحاصر ما أثر خصوصا على سكان الشمال.

يشتكي بعض الفلسطينيين هناك من أنهم لم يحصلوا على بعض الخضروات منذ أسابيع وأن عليهم ترشيد الطعام الذي تقدمهم لهم الجمعيات الخيرية.  

ناهض المصري نازح من بيت لاهيا يعترف بأنه يجد نفسه أحيانا مضطرا للتخلى عن وجبة أو أكثر. فيقول: “في بعض الأيام إذا تناولت الغداء فإنني لا أتعشى وفي بعض الأوقات، إذا حدث وتناولنا فطور الصباح فإننا نهمل وجبة الغداء. يجب أن نتدبر أمورنا فنحن في حالة حرب وعلينا التصرف على هذه الأساس. نقتسم الطعام على قلته ونحمد الله على ما أعطانا.”

عائلة ناهض مؤلفة من 16 فردا دون حساب الأولاد والأحفاد وهو يقول “إن الاحتياجات كبيرة. في المقابل انخفض عدد الشاحنات التي تدخل القطاع بل انعدمت أحيانا. نحن لم نحصل على الخضروات منذ شهر ونصف.”  

وعن المساعدات يقول مروان الزيد وهو نازح آخر من بيت لاهيا: ” في غزة، هناك شحّ في كل شيء. لا خضراوات ولا طرودا غذائية. نحن نحصل عليها مرة في الشهر” ويضيف: ” لولا فضل الله والمطبخ العالمي (الذي قتلت الغارات الإسرائيلية 7 من أعضائه قبل فترة) والجمعيات الخيرية الأخرى لا نعرف ما كان حلّ بنا”.

المجاعة تطل برأسها في شمال غزة بشهادة الأمم المتحدة 

فاقمت ندرة الطعام إذا معاناة السكان في هذا القطاع المدمّر. حيث سُوّيت أغلب المناطق بالأرض وكادت معالمها أن تُمحى بسبب القصف البري والجوي والبحري الذي تشنه تل أبيب على غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في أكتوبر تشرين الثاني الماضي.   

أمام هذا المشهد الكارثي، كانت مديرة برنامج الأغذية العالمي هي أرفع مسؤول أممي يدق ناقوس الخطر حيث صرحت سيندي ماكين الجمعة قائلة أن المدنيين في شمال القطاع يرزحون تحت وطأة مجاعة حقيقية بعد أكثر من ستة أشهر من الحرب والقيود التي تفرضها الدولة العبرية على عملية دخول المساعدات الإنسانية إلى هناك.

وقالت المسؤولة الأممية أيضا في مقابلة مع شبكة إن بي سي الأحد: ” إنه أمر مرعب، هناك مجاعة مكتملة الأركان في الشمال وهي تزحف نحو الجنوب”.

هذا التحذير الأممي لم يكن الوحيد من نوعه، إذ سبقه تصريح آخر في مارس آذار الماضي أعرب فيه برنامج الغذاء العالمي عن ذات المخاوف وقالت إن المجاعة ستضرب القطاع في مايو أيار الجاري.

شاركها.
Exit mobile version