أشار تقرير لشبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية واستنادا إلى صور الأقمار الصناعية وبعض التقارير إلى إحراق مئات البلدات والقرى في السودان عمدا على الأرجح، في مؤشر واضح على تغوّل الحرب الأهلية، التي تعصف بهذا البلد منذ أكثر من عام.

اعلان

أشار تقرير لشبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية واستنادا إلى صور الأقمار الصناعية وبعض التقارير إلى إحراق مئات البلدات والقرى في السودان عمدا على الأرجح، في مؤشر واضح على تغوّل الحرب الأهلية، التي تعصف بهذا البلد منذ أكثر من عام.

ويضع الصراع قوات جنرالين في مواجهة بعضهما البعض، مما تسبب في مقتل الآلاف وتشريد عشرة ملايين شخص، إضافة إلى الدمار الشامل، الذي خلق أكبر أزمة نزوح في العالم، وفقًا لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.

قال المحقق الاستقصائي مارك سنوك لشبكة “إن بي سي نيوز”: “عندما نرى تقارير عن قتال يتزامن مع مجموعة من الحرائق فهذا يشير إلى أنه ربما يتم استخدام النار كسلاح حرب”.

وأضاف سنوك الذي كان يتتبع مع زملائه الحرائق عبر الأقمار الصناعية في مركز مرونة المعلومات وهي منظمة غير ربحية مكرسة لفضح انتهاكات حقوق الإنسان، أن أكثر من 50 قرية احترقت بشكل متكرر، وهو ما يشير إلى “نية” التهجير القسري المحتمل وارتكاب جرائم حرب.

بالاعتماد جزئيًا على أقمار استشعار الحرارة التي طورتها وكالة ناسا لرصد حرائق الغابات في أنحاء العالم، قام سنوك وفريق الباحثين من مشروع “شهود السودان” التابع لمركز مرونة المعلومات بتوثيق أكثر من 235 حريقًا اندلعت في البلدات والقرى في جميع أنحاء السودان منذ بداية الحرب في أبريل-نيسان 2023.

صراع على السلطة

ومن خلال الجمع بين ذلك والتقارير والتحقق من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والخرائط، وغيرها من البيانات المتاحة للجمهور، تم تحديد نطاق الدمار في جميع أنحاء البلاد التي تقع على مفترق الطرق بين أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط.

وتدمر الحرائق، المتعمدة في كثير من الأحيان، المنازل ومخيمات المساعدات، إذ احترقت أكثر من 50 منطقة عدة مرات، مما يشير إلى الرغبة في النزوح القسري. ويستخدم مركز مرونة المعلومات بيانات الأقمار الصناعية والتقارير توثيق هذه الأحداث وخصوصا في منطقة دارفور.

وقد أصبحت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بؤرة محورية للصراع، لتعرضها للهجمات من القوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو ضد جيش اللواء عبد الفتاح البرهان.

وبدأ الصراع في أبريل-نيسان 2023، بعد فشل التحالف بين الجنرالين بشأن الانتقال إلى حكومة مدنية. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 15 ألف شخص، ويواجه 18 مليونًا جوعًا حادًا. ويمثل العدد الإجمالي للنازحين واللاجئين أكثر من ربع سكان السودان.

لا طعام ولا رعاية صحية

في الفاشر، لا يوجد طعام في الأسواق، ولا توجد هناك إمكانية للوصول إلى الرعاية الصحية أو مراكز التغذية، كما أوضحت الدكتورة جيليان بوركهارت، طبيبة النساء والتوليد الأمريكية التي تعمل مع منظمة “أطباء بلا حدود”. وقال زوجها بول كلارك رئيس الشؤون اللوجستية في منظمة “أطباء بلا حدود” أن توصيل الإمدادات الإنسانية أمر صعب للغاية حيث يستغرق وصول الشاحنات من تشاد المجاورة شهرًا وأحيانا أكثر.

تم تعليق أنشطة منظمة “أطباء بلا حدود” في مستشفى الفاشر الجنوبي بعد أعمال النهب التي قام بها جنود قوات الدعم السريع. وقد تمّت الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع، المنبثقة عن ميليشيا الجنجويد، المتهمة بالتطهير العرقي في دارفور، مسؤولة عن التدمير المنهجي لمنازل المدنيين، وخاصة الأقليات العرقية مثل الزغاوة، وفقًا لتقرير صادر عن مختبر ييل للأبحاث الإنسانية.

كما تتهم التقارير الواردة من الأمم المتحدة و”هيومن رايتس ووتش” قوات الدعم السريع باستهداف أقلية المساليت عبر عمليات إعدام منهجية وعنف جنسي.

وسلط وزير الخارجية السوداني السابق بالنيابة في الحكومة الانتقالية السودانية قبل الانقلاب العسكري، عمر إسماعيل، الضوء على الضراوة غير المسبوقة لهذا الصراع، وأعرب عن أسفه للعرقلة المنهجية للمساعدات الإنسانية من طرف القوات المسلحة السودانية، وهو ما نددت به السفيرة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد.

جهود دولية محدودة لوقف القتال

ودعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف الأعمال العدائية ورفع الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على الفاشر حيث أطلق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان حملة جديدة لجمع الأدلة على الفظائع المستمرة في دارفور. وقال “إنني أشعر بقلق بالغ إزاء مزاعم ارتكاب جرائم دولية واسعة النطاق في الفاشر والمناطق المحيطة بها بينما أتحدث”، دون أن يحدد الجهة التي يحقق فيها.

وتحث الولايات المتحدة الجانبين على المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار وقد وضعت العديد من الأفراد والشركات التي تدعم كلا الجانبين تحت العقوبات.

ولم تستجب الحكومة السودانية والجيش وقوات الدعم السريع لطلبات شبكة “إن بي سي نيوز” للتعليق. ومع استمرار المعارك في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، لا تظهر أي علامات تذكر على تراجع القتال. ومع ذلك، يبقى إسماعيل متفائلاً بالنسبة لوطنه حيث قال: “أنا متأكد من أن السودان سيتجاوز هذه الأزمة. آمل فقط أن تكون هذه الأيام المظلمة قصيرة، وأن تنتهي هذه الحرب قريبًا، وأن يساعدنا العالم”.

المصادر الإضافية • إن بي سي نيوز

شاركها.
Exit mobile version